chahid seid mounir Admin
العمر : 26 تاريخ التسجيل : 26/07/2014 عدد المساهمات : 263
| موضوع: ملخص كتاب جازية والدراويش السبت فبراير 21, 2015 3:41 am | |
| "الجازية والدراويش" أو الصراع القيمي بين القرية والمدينة | سليم بتقه-جامعة جيجل الجزائر | Saturday 24-05 -2008 | للمكان في البناء الروائي أهمية لا تقل عن بقية العناصر الأخرى المشكلة لهذا البناء. فالعمل الأدبي « حين يفقد المكانية، فهو يفقد خصوصيته وبالتالي أصالته». وإذا كان الروائي يلجأ إلى الوصف المادي محاولا نقل الأشياء معتمدا على مرجعيته الواقعية حتى نقف على حقيقتها في العالم الخارجي، فإن الأهم هي الجوانب الحسية التي تبين عن العلاقات التي تربط بين الشخصيات والأماكن. علاقات يطبعها الاتصال والانفصال، وهذا بدوره ينعكس على سلوك الشخصيات وعلى الفضاء الروائي عامة. وإذا كانت عبقرية الروائي حيزه كما يقال، فلأنه لا يمكن تصور العناصر المكونة للحدث والناشطة في صناعة العالم الروائي دون تخيل بيئة مكانية تكون مسرحا لها. تلعب الفضاءات المفتوحة دورا بارزا في رواية (الجازية والدراويش) لعبد الحميد بن هدوقه. ومن أهم هذه الفضاءات المدينة والقرية. في هذه الرواية تظهر المدينة مكانا ثانويا، جاءت صورتها باهتة كما لو أنها فقدت ارتباطها بالشخصيات. فعلى الرغم من أنها أمكنة حضارية لها ثقافتها وتاريخها -كونها ارتبطت بقيم العلم والثقافة- إلا أنها فقدت الكثير من القيم الإنسانية، فقد جاء ذكرها كعالم مقابل لعالم الدشرة، حيث تتشكل صورة المدينة في أذهان القرويين من خلال ما يرد منها من أفكار ومشاريع عن طريق الوافدين إلى الدشرة كالطلاب المتطوعين، خاصة الطالب "الأحمر" الذي تنم سلوكاته عن التطرف الذي لم يألفه أهل القرية مما جعلهم ينفرون منه، كما أثار لباس صافية الفاضح –على حد تعبيرهم- وجرأتها على التدخين حفيظة أهل الدشرة، فبدأوا ينسجون حكايات حول حياة المدن وسكانها، من ذلك قولهم إن النساء في المدينة يتزوجن بستة رجال. وبالإجمال لم تنل المدينة ولا أهلها استحسان أهل القرية، فقد كان هؤلاء يعارضون مشروع الطلبة المتطوعين و"الشامبيط" الهادفين إلى ترحيل السكان عن الدشرة وبناء قرية سهلية تجعل الدشرويين أكثر اتصالا بالحياة الحديثة ويمكن الشامبيط من تسليك بضائعه التي تأتيه من أمريكا وكان من الصعب إيصالها إلى الدشرة وهي على تلك الحالة، ويمثل الرحيل إلى القرية الجديدة في نظر الجبايلي حالة هبوط وهو يستعمل هذه الكلمة للدلالة على التخلي عن قيم مثالية عالية من أجل أمور دنيوية تافهة. في المقابل يهيمن الفضاء القروي بحضوره المكثف والمتألق، حيث ينقلنا السارد إلى الدشرة المجال الطبيعي للمجتمع الزراعي، حيث المناظر الأخاذة من جبال وأشجار ومياه وسماء.. وصف له دلالته الظاهرة والخفية، فمن جهة يظهر الطامعين ممثلين في "الشامبيط" ومن جهة أخرى تعلق أهل الدشرة بدشرتهم. "الشامبيط" يمثل الأطماع الخارجية القادمة من أمريكا حيث يسعى بالتعاون مع شركة أجنبية في بناء سد وترحيل السكان إلى قرية جديدة. هذا المشروع يمثل قمة الانسلاخ عن الماضي والارتماء في أحضان التبعية للأجنبي. ويمثل الحكومة الطالب "الأحمر" والذي أرسل في مهمة إقناع سكان الدشرة بتركها إلى قرية سهلية حيث المرافق الحياتية العصرية، نقلة نحو الحاضر. فهو يكره العلو حيث الحصانة والرفعة والسمو، كما يمقت كل ما يمثل هذه القيم (الجامع، الجبل، الصفصاف) والتي تمثل الدين، الماضي والفطرة. نظرة تخالفه فيها صفية التي ترى فيها الجمال وحقيقة الحياة. الطيب الشخصية التي تمثل الشعب يفكر في مشروع آخر تشاطره فيه صفية، مشروع قرية جديدة تجمع بين الماضي والحاضر، فهو يرى الصفصاف الذي ترك يعلو على راحته يحجب النور على القرية فينبغي قص أطرافه ولكن دون اجتثاثه من الأرض، ويرى الخرافات وقد تمكنت من عقول الناس بسبب ممارسات الدراويش والتي سمحت لهم ببسط سلطتهم عليهم، فيقرر محاربة كل أشكال البدع وغرس مبادئ الدين الصحيحة في عقول أهل الدشرة، وكان عليه أيضا أن يقنعهم بضرورة التمسك بالتاريخ لأنه أساس وجودهم، كما ينبغي عليهم أن يعيشوا حاضرهم بكل التزاماته. اتخذت القرية صورة الصراع مع المدينة، فهي تجسد القيم الإنسانية والأخلاقية بكل أبعادها، في المقابل تبدو ملامح المدينة -وقد انسلخت عن تلك القيم- مثقلة بأوهام الحضارة الوافدة، والتي كرست شهوة التملك والسيطرة، فأحدثت خراب الروح والإنسان.
المراجع 1-عبد الحميد بن هدوقة: الجازية والدراويش،ط1 دار الآداب، الجزائر1983 2-غاستون باشلار:جماليات المكان، ترجمة غالب هلساط3، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1987 4-عبد المالك مرتاض:في نظرية الرواية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ديسمبر 1998 | |
|